أتصور
أني أدخل كهفاً عميقاً ومظلماً
فيه أنا بمفردي تماماً
فيه أنا بمفردي تماماً
فأجلس
في ركن من أركانه
لكي
أتأمل في الحياة
واليوم
أختار أن أرى الحياة
في إفلاسها
وعبثيتها
وإهدارها
في إفلاسها
وعبثيتها
وإهدارها
أتصور
زهوراً تنمو على جانب الطريق
وأرى
البذور التي ما تمكنت من شق طريقها إلى سطح الأرض
والفسائل
الطرية التي ما نبتت إلا ليدوسها الناس
أو
تلتهمها الماشية
أو
تحرقها أشعة الشمس
وفي كل
مرحلة من مراحل النمو
لابد
من هلاك ألوف من الزهور الكامنة
مقابل
زهرة واحدة تتفتح
وأري
البلايين من البويضات المهدورة
ومن
الأجنة المجهضة
ومن
الأطفال التي ولدت وما فتئت أن ماتت
وذلك
مقابل كل إنسان نجا
وأرى
كفاح الملايين يذهب سدى
ممن
تاقوا أن يكونوا ممثلين
أو
كُتاباً
أو
رجال سياسة
أو
قديسين
فباء
كفاحهم بالإخفاق
مقابل
قلة من الناس وصلوا إلى مرامهم
وأنا
نفسي ما وصلت إلى هنا اليوم
إلا
عبر ساعات ضائعة من الضجر
ومحادثات
لا طائل لها
وتسلية
فيها ضياع الوقت،
عبر
أمراض أقعدتني
وآلام لحمقي
جررتها على نفسي،
عبر
طاقة أسرفت في إنفاقها
على
تصاميم غير خصيبة
ومشاريع
جهيضة
وتعهدات عقيمة
أشاهد
الألوف المؤلفة
من
الفرص التي أضعتها
والمواهب
التي أهملتها
والتحديات
التي ما جرؤت على خوضها
والوعود
التي لم أحفظها...
والأسوأ
أني لن أحفظها
وأرى
ذلك بدون كآبة
وبدون
شعور بالذنب
بل
بالتفهم الصبور
فأنا
أود أن أحب الحياة في إخفاقها كما في نجاحها على حد سواء
ثم
أعيد إلى ذاكرتي المثل الذي ضربه الرب لنا
كرمز
للملكوت
« خرج الزارع ليزرع
فوقع بعض الحب على أرض حجرة،
ومنه ما وقع على جانب الطريق
فداسته الأقدام أو أكلته الطيور
ومنه ما حمل مائة مرة،
أو ربما أقل ثلاثين، أو ستين...»
وأحب
هذا الحقل برمته
أحب
الحجر والأرض الخصبة
أحب
الطريق والشوك والعوسج،
فكله
جزء من الحياة.
أحب
البذرة التي أصابت من النجاح نصيباً عظيماً،
وأحب
كذلك الأخرى التي أصابت نصيباً وضيعاً،
واليوم
أعطف بحبي خاصةً على تلك التي ما زُرعت إلا لتموت،
كيما
يباركها حبي ويفتديها،
قبل أن
تذهب طي النسيان.
وأنظر
آخر الأمر إلى المخلص على الصليب،
فبتهشم
جسده وإخفاق رسالته،
هو
يرمز إلى مأساة الحياة عامةً
وإلى
مأساة حياتي خاصةً.
أحبه
هو أيضاً
وإذ
أضمه إلى قلبي
أفهم
أنه في
مكانٍ ما
وبطريقةٍ
ما
كل هذا يجد معنىً
كله ينال خلاصاً
كله يلبس جمالاً
كله يعرف القيامة...
No comments:
Post a Comment